الوعى العمالى ..حمدى حسين

  • 11:59:33 م on سبتمبر 18, 2008 | 0

    لليسار در …

    كارثة الأسعار والأجور

    حسين عبدالرازق

    لا يحتاج الناس في مصر إلي دليل أو شهادة من أحد تؤكد انخفاض مستوي معيشتهم مع الارتفاع المخطط والعشوائي للأسعار في ظل فوضي السوق الرأسمالي القائم في مصر، وانخفاض مستوي الأجور بصورة مخيفة باستثناء شريحة محدودة للغاية، والفجوة الهائلة بين متوسط الأجور والأسعار، ومع ذلك فالدراسات والأبحاث والأرقام التي تذيعها مؤسسات رسمية وهيئات متخصصة مهمة للغاية، للرد علي الجوقة الحكومية والإعلام الخاضع لها وترويجهم للأكاذيب حول التقدم الاقتصادي والبحبوحة التي يعيش فيها المصريون، والزعم بأن 5.9% فقط من المصريين تضرروا من الغلاء!.

    فالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أذاع منذ أسبوع أن معدل التضخم ارتفع في شهر أغسطس الماضي ليصل إلي 6.25% «وهو أعلي معدل تشهده مصر منذ الحرب العالمية الثانية» أي في الفترة من 1939 وحتي 1945، وأضاف الجهاز أن الزيادة في أسعار الطعام والشراب تفوقت علي المعدل العام للتضخم مسجلة نسبة 5.35%.

    وأضاف اللواء أبوبكر الجندي رئيس الجهاز أن «حظ المصريين سييء، فمواسم دخول المدارس ورمضان والعيد تجمعت عليهم لتبدد ميزانياتهم»، وأن هناك زيادة قادمة في الأسعار في شهر أكتوبر، مضيفا أن التقارير تشير إلي وجود 3.19% من المواطنين تحت خط الفقر، وهم من يقل دخلهم عن 166 جنيها في الشهر طبقا للمقياس المصري(!) بينما يحدد المقياس العالمي حد الفقر بـ 2 دولار يوميا، أي 326 جنيها مصريا، وحددوا الفقر المدقع بأقل من 1 دولار في اليوم أي 163 جنيها وطبقا لهذا المقياس العالمي فـ 19% من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر المدقع «خمس السكان» و48% من المواطنين تحت خط الفقر «أي نصف السكان»!!.

    والارتفاع المتوالي للأسعار هو صناعة مصرية في الأساس، صحيح أن هناك تأثيرا لظاهرة ارتفاع الأسعار عالميا خاصة أسعار السلع الغذائية والحبوب أيضا، ولكن الصحيح أيضا أن الحكم في مصر يتحمل المسئولية عن انعكاس ارتفاع أسعار السلع العالمية علي الأسعار في مصر، حيث تعتمد مصر علي استيراد نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية واحتياجاتها الأخري، وقد ارتفعت معدلات الاستيراد عن العام الماضي بنسبة 111% كما أن الحكم هو المسئول المباشر عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة من خلال سياسة انسحاب الدولة من الاستثمار والتنمية وتوفير الخدمات الأساسية، وإصدار قرارات متتالية لرفع الأسعار مثل قرار مجلس الوزراء في مارس الماضي برفع أسعار تداول الأسمدة 100%، وقرار رفع سعر السولار، وارتفاع أسعار الحديد والزيادة غير الطبيعية في أسعار مواد البناء نتيجة بيع الحكومة لشركات القطاع العام المنتجة للحديد والأسمنت وتسهيل احتكار الرأسمالية المصرية لها، وارتفاع أسعار الدقيق «وبالتالي الخبز» والأرز (منتج محلي 100%) نتيجة غياب الرقابة الحكومية وسياسة «التحرير الكامل لقطاع الزراعة» وقرار تخفيض حصص الدقيق المقررة لمخابز القطاع العام.

    وتتحمل الرأسمالية المصرية الجديدة مسئولية مماثلة عن ارتفاع الأسعار، فغالبية هذه الرأسمالية لا تتجه للإنتاج وتنشط في أعمال الوساطة والسمسرة وتسعي لهدف وحيد هو الربح السريع بدون جهد، وتلجأ إلي الاحتكار ورفع الأسعار في غياب دور الدولة في الرقابة.

    وفي ظل هذه الارتفاعات المتوالية للأسعار، يعاني المصريون من انخفاض مخل في الأجور والمرتبات، فالموظفون في مصر وعددهم 8.5 مليون موظف يمثلون حوالي ربع قوة العمل يحدد القانون الحد الأدني للأجر الأساسي لهم بـ 35 جنيها شهريا، وهو قانون صادر عام 1978 أي منذ 30 عاما، وطبقا لجدول الأجور للموظفين في أول يناير 2007 وبعد إضافة علاوة خاصة 15% فإن كل موظفي مصر من الدرجة السادسة إلي الدرجة الثالثة يعيشون تحت خط الفقر إذ لم يكونوا يعولون إلا أنفسهم، أما إذا كانوا يعولون فردا آخر أو أكثر فالموظفون حتي درجة المدير العام يعيشون تحت خط الفقر (الأجر الأساسي للموظف في الدرجة السادسة 105 جنيهات يرتفع إلي 75.227 جنيه بعد إضافة الأجر المتغير، وفي الثالثة 144 جنيها يرتفع إلي 4.280، والمدير العام 375 جنيها يرتفع إلي 25.592 جنيه).

    ولا جدال في أن هذه الفجوة الواسعة بين الأجور والأسعار، والتي تتسع عاما بعد آخر، إضافة إلي التفاوت الهائل في الدخول والأجور بين الشريحة العليا في المجتمع وجمهرة المواطنين تنذر بانفجار بركان الغضب، ووقتها لن ينفع الحكم وحزبه «الوطني الديمقراطي» أجهزة القمع وأحاديث الرخاء والتقدم الاقتصادي الكاذبة

     

أضف تعليق